ما هي صلاة الأوابين، وكيف تصلَّى، وكم عدد ركعاتها؟
الأوّابون: جمع أوّاب، وهو المطيع، وقيل الراجع إلى الطاعة ([1])، أو المكثر الرجوع إلى الله بالتوبة ([2]).
ونص فقهاء الشافعية على أن صلاة الأوابين: تطلق بالاشتراك على صلاة الضحى وعلى النفل الذي يصليه الإنسان بعد المغرب إلى العشاء ([3]).
وسمي النفل الذي بعد المغرب بصلاة الأوابين; لأن فاعله رجع إلى الله تعالى وتاب مما فعله في نهاره، فإذا تكرر ذلك منه دلّ على رجوعه إلى الله تعالى، ولو لم يلاحظ ذلك المعنى ([4]).
ويسمى أيضًا بصلاة الغفلة؛ لغفلة الناس عنها واشتغالهم بغيرها من عشاء ونوم وغيرها ([5]).
قال الشافعية: أكثرها عشرون ركعة بين المغرب والعشاء، وأقلها ركعتان ([6]). وسنة المغرب يمكن أن تندرج فيها ([7]).
وقد ورد ما يفيد أنها تطلق على النفل الذي يفعل بعد المغرب؛ من ذلك: ما رواه محمد بن المنكدر مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى ما بين المغرب إلى صلاة العشاء فإنها صلاة الأوابين" ([13]).
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "صلاة الأوابين ما بين أن يلتفت أهل المغرب إلى أن يثوب إلى العشاء" ([14]).
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "صلاة الأوابين: الخلوة التي بين المغرب والعشاء حتى يثوب الناس إلى الصلاة" ([15]).
وعن أبي عقيل زهرة بن معبد قال: "سمعت ابن المنكدر وأبا حازم يقولان: تتجافي جنوبهم عن المضاجع: هي ما بين المغرب وصلاة العشاء، صلاة الأوابين" ([16]).
وقد ورد الحث عمومًا على الصلاة بين العشائين في بعض الأحاديث النبوية؛ من ذلك: ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلَّى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء عدلن له عبادة ثنتي عشرة سنة" ([17]).
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صلى بين المغرب والعشاء عشرين ركعة بنى الله له بيت في الجنة ([18]).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلَّى ست ركعات بعد المغرب قبل أن يتكلم غفر له بها ذنوب خمسين سنة" ([19]).
وعن عمار بن ياسر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعد المغرب ست ركعات , وقال: "من صلى بعد المغرب ست ركعات غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر" ([20]).
وعن عبيد مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال سئل أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصلاة بعد المكتوبة أو سوى المكتوبة قال نعم بين المغرب والعشاء ([21]).
وكذلك ورد أن السلف كانوا يجتهدون في إحياء الوقت بين العشائين بالعبادة والصلاة ويحرصون على ذلك؛ فعن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال: ما أتيت عبد الله بن مسعود في تلك الساعة -يعني بين المغرب والعشاء- إلا وجدته يصلي، فقلت له في ذلك، فقال: "نعم ساعة الغفلة يعني ما بين المغرب والعشاء" ([22]).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "من أدمن على أربع ركعات بعد المغرب كان كالمعقب غزوة بعد غزوة"([23]).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان يصلي ما بين المغرب والعشاء ويقول: "هي ناشئة الليل" ([24]).
وعنه في تفسير قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16] قال: "يصلون ما بين المغرب والعشاء" ([25]).
وعنه أيضًا في تفسير قوله تعالى: {كانوا قَلِيلاً منَ اللّيلِ ما يَهجَعون} [الذاريات :17] أنه قال: "نزلت فيمن كان يصلي ما بين العشاء والمغرب" ([26]).
وعن أبي الشعثاء قال: "سلام عليكم بالصلاة فيما بين العشاءين؛ فإنه يخفف عن أحدكم من حدثه ويذهب عنه ملغاة أول الليل، فإن ملغاة أول الليل مهدية أو مذهبة لآخره" ([27]).
وعن سعيد بن جبير أنه كان يصلي ما بين المغرب والعشاء ويقول: "هي ناشئة الليل" ([28]).
وعن منصور بن المعتمر في قوله تعالى: {مِن أَهْل الكتاب أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيات الله آنَاءَ الليل وهم يَسْجُدُونَ} [آل عمران :113] قال: "بلغني أنهم كانوا يصلون ما بين العشاء والمغرب" ([29]).
قال الحافظ زين الدين العراقي: "وممن كان يصلي ما بين المغرب والعشاء من الصحابة: عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمرو، وسلمان الفارسي، وابن عمر، وأنس بن مالك في ناس من الأنصار، ومن التابعين: الأسود بن يزيد، وأبو عثمان النهدي، وابن أبي مليكة، وسعيد بن جبير، ومحمد بن المنكدر، وأبو حاتم، وعبد الله بن سَخْبَرة، وعلي بن الحسين، وأبو عبد الرحمن الحبلي، وشريح القاضي، وعبد الله بن مغفل، وغيرهم. ومن الأئمة: سفيان الثوري" ([30]).
قال الشوكاني: "والآيات والأحاديث المذكورة في الباب تدل على مشروعية الاستكثار من الصلاة ما بين المغرب والعشاء, والأحاديث وإن كان أكثرها ضعيفًا فهي منتهضة بمجموعها لا سيما في فضائل الأعمال" اهـ ([31]).
([1]) شرح النووي على صحيح مسلم 6/ 30.
([2]) فيض القدير 1/ 408.
([3]) أسنى المطالب 1/ 206.
([4]) حاشية الجمل على شرح المنهج 1/ 478.
([5]) الإقناع للشربيني -مع حاشية البجيرمي- 1/ 427، حاشية الجمل على شرح المنهج 1/ 478.
([6]) الإقناع للشربيني -مع حاشية البجيرمي- 1/ 427.
([7]) تحفة الأحوذي 2/ 421.
([8]) رواه مسلم (1237).
([9]) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم 6/ 30، نيل الأوطار 3/ 80.
([10]) متفق عليه: رواه البخاري (1845)، ومسلم (1182).
([11]) مسند أحمد 2/ 265، 505.
الأوّابون: جمع أوّاب، وهو المطيع، وقيل الراجع إلى الطاعة ([1])، أو المكثر الرجوع إلى الله بالتوبة ([2]).
ونص فقهاء الشافعية على أن صلاة الأوابين: تطلق بالاشتراك على صلاة الضحى وعلى النفل الذي يصليه الإنسان بعد المغرب إلى العشاء ([3]).
وسمي النفل الذي بعد المغرب بصلاة الأوابين; لأن فاعله رجع إلى الله تعالى وتاب مما فعله في نهاره، فإذا تكرر ذلك منه دلّ على رجوعه إلى الله تعالى، ولو لم يلاحظ ذلك المعنى ([4]).
ويسمى أيضًا بصلاة الغفلة؛ لغفلة الناس عنها واشتغالهم بغيرها من عشاء ونوم وغيرها ([5]).
قال الشافعية: أكثرها عشرون ركعة بين المغرب والعشاء، وأقلها ركعتان ([6]). وسنة المغرب يمكن أن تندرج فيها ([7]).
وقد ورد ما يفيد أنها تطلق على النفل الذي يفعل بعد المغرب؛ من ذلك: ما رواه محمد بن المنكدر مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى ما بين المغرب إلى صلاة العشاء فإنها صلاة الأوابين" ([13]).
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "صلاة الأوابين ما بين أن يلتفت أهل المغرب إلى أن يثوب إلى العشاء" ([14]).
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "صلاة الأوابين: الخلوة التي بين المغرب والعشاء حتى يثوب الناس إلى الصلاة" ([15]).
وعن أبي عقيل زهرة بن معبد قال: "سمعت ابن المنكدر وأبا حازم يقولان: تتجافي جنوبهم عن المضاجع: هي ما بين المغرب وصلاة العشاء، صلاة الأوابين" ([16]).
وقد ورد الحث عمومًا على الصلاة بين العشائين في بعض الأحاديث النبوية؛ من ذلك: ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلَّى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء عدلن له عبادة ثنتي عشرة سنة" ([17]).
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صلى بين المغرب والعشاء عشرين ركعة بنى الله له بيت في الجنة ([18]).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلَّى ست ركعات بعد المغرب قبل أن يتكلم غفر له بها ذنوب خمسين سنة" ([19]).
وعن عمار بن ياسر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعد المغرب ست ركعات , وقال: "من صلى بعد المغرب ست ركعات غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر" ([20]).
وعن عبيد مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال سئل أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصلاة بعد المكتوبة أو سوى المكتوبة قال نعم بين المغرب والعشاء ([21]).
وكذلك ورد أن السلف كانوا يجتهدون في إحياء الوقت بين العشائين بالعبادة والصلاة ويحرصون على ذلك؛ فعن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال: ما أتيت عبد الله بن مسعود في تلك الساعة -يعني بين المغرب والعشاء- إلا وجدته يصلي، فقلت له في ذلك، فقال: "نعم ساعة الغفلة يعني ما بين المغرب والعشاء" ([22]).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "من أدمن على أربع ركعات بعد المغرب كان كالمعقب غزوة بعد غزوة"([23]).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان يصلي ما بين المغرب والعشاء ويقول: "هي ناشئة الليل" ([24]).
وعنه في تفسير قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16] قال: "يصلون ما بين المغرب والعشاء" ([25]).
وعنه أيضًا في تفسير قوله تعالى: {كانوا قَلِيلاً منَ اللّيلِ ما يَهجَعون} [الذاريات :17] أنه قال: "نزلت فيمن كان يصلي ما بين العشاء والمغرب" ([26]).
وعن أبي الشعثاء قال: "سلام عليكم بالصلاة فيما بين العشاءين؛ فإنه يخفف عن أحدكم من حدثه ويذهب عنه ملغاة أول الليل، فإن ملغاة أول الليل مهدية أو مذهبة لآخره" ([27]).
وعن سعيد بن جبير أنه كان يصلي ما بين المغرب والعشاء ويقول: "هي ناشئة الليل" ([28]).
وعن منصور بن المعتمر في قوله تعالى: {مِن أَهْل الكتاب أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيات الله آنَاءَ الليل وهم يَسْجُدُونَ} [آل عمران :113] قال: "بلغني أنهم كانوا يصلون ما بين العشاء والمغرب" ([29]).
قال الحافظ زين الدين العراقي: "وممن كان يصلي ما بين المغرب والعشاء من الصحابة: عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمرو، وسلمان الفارسي، وابن عمر، وأنس بن مالك في ناس من الأنصار، ومن التابعين: الأسود بن يزيد، وأبو عثمان النهدي، وابن أبي مليكة، وسعيد بن جبير، ومحمد بن المنكدر، وأبو حاتم، وعبد الله بن سَخْبَرة، وعلي بن الحسين، وأبو عبد الرحمن الحبلي، وشريح القاضي، وعبد الله بن مغفل، وغيرهم. ومن الأئمة: سفيان الثوري" ([30]).
قال الشوكاني: "والآيات والأحاديث المذكورة في الباب تدل على مشروعية الاستكثار من الصلاة ما بين المغرب والعشاء, والأحاديث وإن كان أكثرها ضعيفًا فهي منتهضة بمجموعها لا سيما في فضائل الأعمال" اهـ ([31]).
([1]) شرح النووي على صحيح مسلم 6/ 30.
([2]) فيض القدير 1/ 408.
([3]) أسنى المطالب 1/ 206.
([4]) حاشية الجمل على شرح المنهج 1/ 478.
([5]) الإقناع للشربيني -مع حاشية البجيرمي- 1/ 427، حاشية الجمل على شرح المنهج 1/ 478.
([6]) الإقناع للشربيني -مع حاشية البجيرمي- 1/ 427.
([7]) تحفة الأحوذي 2/ 421.
([8]) رواه مسلم (1237).
([9]) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم 6/ 30، نيل الأوطار 3/ 80.
([10]) متفق عليه: رواه البخاري (1845)، ومسلم (1182).
([11]) مسند أحمد 2/ 265، 505.
Comments
Post a Comment